إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح سنن الترمذي
36999 مشاهدة
باب ما جاء في تزويج الأبكار

باب ما جاء في تزويج الأبكار.
حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال: تزوجت امرأة فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أتزوجت يا جابر ؟ فقلت: نعم فقال: بكرا أم ثيبا؟ قلت: لا بل ثيبا، فقال: هلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟!، فقلت: يا رسول الله إن عبد الله مات وترك سبع بنات أو تسعا فجئت بمن يقوم عليهن. قال: فدعا لي .
قال وفي الباب عن أبي بن كعب وكعب بن عجرة قال أبو عيسى حديث جابر بن عبد الله حديث حسن صحيح.


مشهور حديث جابر وكرره البخاري في صحيحه في عدة مواضع. كان أبوه عبد الله بن حرام قتل في غزوة أحد ولما قتل لم يكن له من الذكور إلا جابر وكان له تسع إناث -تسع بنات- كلهن في حجر جابر ويظهر أن أمهن قد تعجز عن تربيتهن وتنشئتهن والقيام عليهن أو نحو ذلك.
فتزوج جابر امرأة مطلقة أو متوفى عنها، وقصد من تزوجها أن تقوم على أخواته بتربيتهن وتنشئتهن وتنظيفهن وتعليمهن ونحو ذلك، بخلاف ما لو كانت بكرا جاهلة مثلهن؛ فإنها قد تحتاج إلى من يربيها ويصلحها، فإذا كانت ثيبا مجربة كان لها نفع في أخواته؛ في تنظيفهن وتنظيف رءوسهن وتسريحها وغسل ثيابهن وإصلاح طعامهن وما أشبه ذلك.
هذا هو الذي قصده جابر من اختيار الثيب. مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اختار له البكر، أو تمنى له أو أشار عليه بالبكر، وقال: هلا جارية -يعني- بكرا تلاعبها وتلاعبك يعني: بما أن هذا أول زواج لك فإن الأولى أن تتزوج بكرا حيث إنك بكر أي: لم تتزوج، ومع ذلك قبل عذره.
وقد اختلف العلماء -يعني الأدباء ونحوهم- أيهما أفضل للزوج أن يتزوج بكرا أو يتزوج ثيبا؟
والأحوال تختلف باختلاف المقاصد وباختلاف الرجال، فمنهم من يكون حاله كحال جابر ومنهم من يكون شابا ليس عنده من يحتاج إلى تعليم أو تربية أو نحوها، وتكون البكر أنسب له، وفيها كلام وتعليلات ما بين مادح وقادح.
أسئـلة
س: طيب يا شيخ، استخدام اسم والده بدلا من كلمة أبي، وبدلا من أن يقول: إن أبي قال إن عبد الله هل هناك حكمة في هذا؟
يظهر أن هذا تابع من الرواة؛ لأنه في روايات كثيرة في صحيح البخاري وغيره: إن أبي، إن أبي توفي.
جزاك الله خيرا.